تعريف الزجل
صفحة 1 من اصل 1
تعريف الزجل
الزجل هو احد الوان الشعر وهو موزون وله بحور لكن الوزن فيه سماعي وتتعدد انواعه اذكر منها لاعلى سبيل الحصر ( القصيد , الشروقي , المعنى ,القراده , المخمس , المرصود ,العتابا , الهواره , .....................الخ)
وفيما يلي شرح موجز مع امثله نقلته عن احد المصادر :
المعنى وانواعه وأوزانه :
1. المعنى العـادي
ويقال للمقطع الأول من القصيدة "المطلع" (أي مطلع القصيدة) والأبيات التي تليها يقال لها "الدور" ويقال للشطر الأول من كل بيت "الصدر" وللشطر الثاني "العجز".
وطريقة المعنى العادي هي أن تكون القافية في صدر وعجز البيت الأول وعجز البيت الثاني واحدة في المطلع وأن يرجع لها بعد نهاية كل دور الذي يتألف عادة من بيتين. ووزن المعنى العادي من البحر اليعقوبي حيث يتألف البيت منه من 24 حركة وتتألف كل من دعامتيه من 12 حركة، 12 دعامة حركة الشطر الأول من البيت و12 دعامة في الشطر الثاني من البيت.
مثال لمنير وهيبة الياس الخازني الغساني
المطلع:
يا مجدليـِِّي جـار تاريخ البشر خطيتي خطيـِّي بشرعهم ما بتنغفـر
عالرجم كانوا سايقينك عالدروب وكل واحد حامـل بإيـدو حجــر
=====================================
2. المعنى القصيد
يتألف هذا المعنى من عدة أبيات يكون صدر وعجز البيت الأول وعجز البيت الثاني على قافية واحدة، وصدور البيات التي تلي ذلك على قافية واحدة وإعجازها على قافية البيت الأول. وكثيرا ما تفضي القصيدة إلى خرجة تكون قافيتها حرة، أما قافية البيت الأخير من القصيدة تعود إلى القافية العامة، وهي على الوزن اليعقوبي وتألف دعامتيه من 12 حركة.
مثال:
من نظم الشاعر الصحافي شاكر سليمان صاحب مجلة السلوى: -
تقلا عجوز الدهر علَّمـها كثيـر وما بقي من عمرها غير اليسـير
وداقت من الدنيا الحلاوي والمرار ونامت على العجرم ونامت عالحرير
ونالت مكاني عاليي بين الجـوار ومـيَّزت بيـن الغني وبيـن الفقير
وأصحابها كانو من النعمي كتـار وقلُّو عندما شـاهدوها عالحصيـر
والدهر قلب والدنــي باختصار سـاعة إلك سـاعة عليك تعدبك..... (خرجة)
حكِّـم بها عقلك وامشي يا بصير
دور:-
وين عينك مجدليـة هالزمـان تشـوفها إلها الحكي وصدر المقـام
القول إلها وناشر عليها الأمـان جناح السعادة ولا قلـب منهـا نفـر
ومن المعنى ما يفضي آخره إلى خرجة تكون قافيتها حرة، مثال ذلك تتمة للقصيدة السابقة بمريم المجدلية:
بماضي الزمان عالرجم وداكي الهوى وهاك الشريعة راح عهدا وانطوى
واليوم يللـي بيلتـجي لبنـت الغوى بشرع التمدن صار أكبر آدمي... (الخرجة)
وبالمجـد والتقدير اسمو بينذكر
==========================================
3. المعنى الجناس
هذا المعنى يتألف من عدة أبيات، يكون صدر وعجز البيت الأول من القصيدة على قافية واحدة، وصدور الأبيات التي تلي ذلك جميعها منتهية بكلمة متشابهة لفظا ومختلفة معنىً. أما الإعجاز تعود قافيتها على القافية العامة للقصيد، وتنتهي بخرجة قافيتها حرة، ويكون البيت الأخير على القافية العامة.
مثال – تابع للقصيدة السابقة في المعنى القصيد
في يوم تقلا جالسـي عالمسطبي وهيفا تمشط شعرها العسلي العبي
تمعَّنت في بنتـها تـلك العجـوز وعنها حسن هيفا ولطفا ما خبي
تذكرت عهد المضي بوادي العجوز قرب البيادر حيث ما شـافت أبي
لعـب الهوى في قلبها لعب العجوز والقلب بخفايا الهوى أصدق نبـي
كانت صبية شـارقة متل العجوز واليوم صارت شمسها بحضن الغروب.. (خرجة)
وعصف ريح السن بالورد النضير (القافية العامة للقصيدة)
==========================================
. 4 المعنى الموشـح
يتألف البيت في هذا النوع من المعنى من وزنين الشطر الأول يأتي من البحر المزدوج وتتألف دعامته من 7 حركات، والشطر الثاني من البحر المتساوي وتتألف دعامته من 4 حركات وبذلك يكون مجموع دعامة البيت 11 حركة، وطريقته تكون الصدور في البيتين الأول والثاني على قافية واحدة والعجز في البيتين الأول والثاني على قافية واحدة. وهو ما يسمى المطلع، ويليه الدور وكل دور يتألف من أربعة أبيات صدورها على قافية واحدة واعجازها على قافية واحدة إلا عجز البيت الرابع فيعود للقافية العامة من المطلع.
مثال لأسـعد السـبعلي
المطلع: عم تضحـك بالبنديرة أرزة لبنــان
وراعي بلحن المنجيرة يهز الوديــان
الـدور لبنانــك يا لبنانـي بيرقـص بالنور
الصيّفيي فيه غنانـي تلحيــن طيور
ورقصة قلب الأماني عبساط زهـور
ومسرح وحي الروحاني ومرج الغـزلان
==========================================
5. المعنى المخـرَّج
استحدث أمير الزجل رشيد نخله هذا النوع من المعنى، وطريقته زيادة خرجة بعد كل بيت من القصيدة، تكون فيها قافيتها جارية على القوافي الأخيرة في الأبيات، أما وزنه على البحر السريع وتتألف حركاته من 20 حركة 10 حركات في الشطر الأول و10 حركات في الشطر الثاني، أما الخرجة فتأتي على البحر المتساوي وتتألف دعامتها من 4 حركات.
مثال لرشيد نخله:
ما بين جفاك ودبحة عيونك يا عامرية مات مجنونك
فدا عيونك ..... (الخرجة)
ان عاد لوى قلبك عله وحن بترد ترجع روح مدفونك
ومغبـونك
ان عاد لوى قلبك عله وحن بيكون عَقلبو تصب سلوى ومن
من دون من
وان كان سبقلو وفي غرامك جن بيرجع لعقلو يكون ممنونك
ومديونك.....
==========================================
6. المعنى الرّدف المطـوَّل
استحدث أمير الزجل رشيد نخله هذا النوع من المعنى، وهو كالمعنى العادي، انما يفاض إلى خرجات متعددة تكون صدورها من قافية واعجازها من أخرى، ثم يرجع في آخر القصيدة إلى بيت يكون صدره من قافية مستقلة وعجزه من القافية العامة. وتأتي أوزانه من بحري السريع والمتقارب. مثال لرشيد نخله:
الله معــك با أم القميص الزهـر زهر الربيع هفهـف بحفـة نهر
ربك خلـق كـل الدنـي باسـبوع لكن عليـك ضل ينحـت شـهر
ربك خلـق كل الدنــي باسـبوع وانت تشـدي عالجمال طلــوع
حتى براك شـرقطة من شـموع مشـعشـعة بجبلة لحم وعظـام
مميـزة عن كل أهل الدهـر
مشعشـعة بجبلة لحـم وعظـام براس مكوز فـوق سـلب قـوام
شـعر يتمـوج هـوى وأوهام
بلـوان ليليـات من حول صبح بسام
والوجه والهالات انشـق القمر بلثـام خرجــات
حواجـب هلاليات جـرة قلم عــلام
7. المعنى المذيــَّل المقلوب
تختلف أوزان هذا المعنى، وطريقته أن تكرر خرجات المطلع في صدور أبيات القصيد التابع له تكريرا معكوسا ( ومن هنا كان اسمه) أي ترد على التوالي من الخرجة الأخيرة إلى صدر البيت، وطريقة أخرى أن يكتفي الناظم بنقل جملة من عجز البيت الأخير من كل دور إلى صدر البيت الأول من الدور التالي، وهكذا.
مثال لرشيد نخله:
المطلـع:
امثال مليانة حكم خدها وافهم مغامزها ومآخذها
يا دل قايل كلمة البيكون مش ممكن يقدر ينفذها
دور
يا دل قايل كلمة البيكون من أجلها عز النفوس مرهون
والشدايد عالصبر بتهون وما في نزلــة بلا طلعة ..... (الخرجة)
ولا طريق إلا بمنفذها
دور
وما في نزلة بلا طلعـة والهـرش ما بتلبق إلو الدلعـة
وبشعر غيرا تكنَّت القرعة وتا تسمع الكنة حكي الجارة... (الخرجة)
ولا تلومها ولا تواخذها
وهكذا....
الطريقة الثانية، هي نقل جملة من عجز البيت إلى صدر الدور الذي يليه، مثال لرشيد نخلة
مطلع:
يا طير صوب بلادهم خذني معك جسمي أخف من النسيم شو بيمنعك
قللي بتمنعني دموعك بالهـوى بلكي تبلـل جانحـي من مدمعـك
دور
قللي بتمنعني دموعك بالهـوى من كتر ما بتجري على حر النوى
يا طير نار القلب من فرط الجوى بتنشـف التبليـل ما بتلدعـك
دور
بتنشف التبليل وبتطفي اللهب منتي وبالحالين ما منَّـك ســبب
لكن عليك كثير قل يا للعجب شــوقي إلي اللي نظرتو بتوقعك
وهكـذا..
8. المعنى : - البدالي – المقصَّـد – الموشـح
وهو ما استحدثه رشيد نخلة، فالبدالي:
يختلف عن المطلع في العروض، أما طريقته فطريقة المطلع مثال:
لا النســيم بيحمل اوراقي ولا أنا عا حالتــي باقــي
شفلي طريقة يا حمام الدوح توصل سلامي وتحمل اشواقي
شفلي طريقة يا حمام الدوح ووصل شواقي لا بكي ولا نوح
لو نشق صدري يبان تحت اللوح قلـب متـل سفنجة الخفـان
ومثال لجرجس بدر:
كنا فرحنا بقدوم الزيـن تاريك مـش موزون بدك رين
كل خايس يكتسي ذال لام وكل كامـل يكتسب عين وزين
أما المقصـَّد هو اسلوب ادخال القصيد وعروض القرادي على البدالي مثال لرشيد نخلة
نكان ما تخاف مني خاف ربك صرت اخجل تسميني محبك
قلبي ما بقى يطيقك تركني وشفلك قلب غير قلبي يحبك
قلبي ما بقى يطيقك تركني وما عاد لي على هالحب مكني
عاصدري كنت باني فيك ركني
انهز وماد ركن الصدر
فـوق فواد يهـدر هدر
وعنك حاد بعـد الغدر
عقب جهاد وطـى القدر
وللحساد صار في عذر واضح تحكي وتشـتفي فيِّي وتسـبك
أما الموشح فطريقته في تقفية الشرحة والردة والبيت الثالث وخرجته في المقطع الأول وفق طريقة المطلع العادي، إلا أن الخرجة الأولى بعد ذلك تختلف في العروض وترجع قافيتها إلى قافية الموشح، أما بقية المقاطع فيكون البيت الأول وخرجته من قافية واحدة وترجع قافية الخارجة الثانية الى قافية الموشح العامة، مثال لرشيد نخله:
من الشرق يا حــادي عـرَّج علـى الـوادي
وستنشق من الشـيح ريـحة هــوا بـلادي
وستنشق من الشــيح تراب الحمـى والريـح
بلوعـة وجـوى وتبريــح
يــا حـــــادي باسـم الحبيـب نــادي
باسم الحبيـب كنِّـي بأبيـــات مـن فنِّـي
وان سـايلك عنِّــي بغيـــر عــــادة
جــاوب وكــون هــادي
9. المعنى القصيـد
للمعنى القصيد ضربان: مســتقل وتابع للمعنـى العـادي - المطلع، طريقة الأول أن تكون قافية الصدور جميعها واحدة، وقافية الاعجاز جميعها واحدة
مثال لأسـعد السـبعلي:
طل الصـباح وتكتك العصفور سـهرنا وطوَّلنا بنومتنا
شـوفي الشفق فرَّق علينا النور والشمس منشورة عاخيمتنا
والكون غاشي والفلك مسحور من سقسـقة ميَّـات نبعتنا
يختي سبقيني وولفي المعـدور حتى نكفّـي نكاش بورتنا
ليكي الجدايا هدهدو المعبـور وخرَّبـو مطاعيم كرمتنا
عيّطيلـك صـوت للناطـور عنـزات بو طنُّوس خربتنا
والطريقة الثانية التابع للمطلع: هي طريقة المعنى العادي في المطلع ويليه بيت صدره وعجزه من قافية واحدة، ثم تكون قصيد صدورها من قافية واحدة واعجازها من قافية واحدة إلا أنه يفرق عنه في البيت الأخير حيث ترجع (الرجوع) قافية صدره إلى قافية البيت الذي يلي المطلع وقافية عجزه إلى قافية المطلع العامة.
مثال:
المطلع:
يا وطن شو انت بجبالك غني ولهَيْبتك عنق الزمـان بينحنـي
لبنان يا أحلى دني وألطف نسيم انت الدني ولولاك شو بتسوى الدني
البيت :
اسمك قصيدة وأرزتك أم الدهور والفجر عتلاَّتك مراجيـح نـور
القصيد:
سواقيك مـوَّال الهنا موالها ترابات أرضك تبر نسماتك عطور
جبالك خيال الفكر ما بيطالها شو تكسَّر عليها جوانح نســور
والراعيي البتميجن بعرزالها من السما شو شوهرو عليها البدور
الرجوع:
والسندياني الحاملي سرار العصور كعبها بيفني العصور وما فني
10. المعنى القصيـد المرصود
يكون هذا النوع من الجناس، تتألف صدوره من كلمة متشابهة لفظا ومختلفة معنى، وكذلك اعجازه، ويأتي على الوزن اليعقوبي كالمعنى العادي عدد دعامته 12 حركة في كل شطر أي بمجموع 24 حركة، مثال:
اشكرك يا من على سطح العجوز اسمك تباهي عالخلايق مثل عين
لا زلت باسط عاليا شبه العجوز سامي وعلي ضاهي وباهي مثل عين
خلقك أمام العالمين مثل العجوز في كل محضر شهم سايد مثل عيـن
والجود فايض من يدك فيض العجوز والموج منه عالبشر فضة وعين
أيا جعفري لو قابلك شاكي العجوز قبل الطلب نالت يمينو ألف عين
جد من جودك غني ذاك العجوز نال الغنى من يد فاضت مثل عين
الخ................
11. المعنى القصيـد العادي المرصود
أن تكون الكلمة في صدر وعجز البيت الأول وعجز الثاني من الجناس، متشابهة لفظا مختلفة في المعنى، مثـال:
يللي مليت الكون من روحك حكم انت الهوى وحبك على العاشق حكم
عينك على المشتاق شو فيها خطر وســهمها الاَّ بقلبـي مـا حكـم
12. المعنى القصيد المجـزَّم
يتألف هذا النوع من القصيد من مطلع ودور، وطريقته التزام قافية في كل مقطع والرجوع في البيت الأخير إلى القافية العامة، مثال:
لأسعد السبعلي:
المطلع: حصاني جال، بسوق مجال وهز رجال على الميلين
خصمي زال ودمعو سال وعنِّي مال، بلمحة عين
الدور: عطرِك فاح، وبدِك لاح وقلبي ناح، على ضلوعي
سري انباح، ومالي جناح لبست وشاح، من دموعي
عليّ راح، عملت مناح وجفني شـاح، من ولوعي
دزّ رماح، وشهر سلاح، ولا الأرواح، يهزا البين
لبولس رشيد الغريب:
المطلع: ما زال حب الغير في عينك حلي صار واجب ودعك فيما يلي
بدنا تكون مشروح خليها تروح من جسدها الروح لديار البلي
الدور بدنا تكون مشروح، خليها تروح، من جسدها الروح، والميمي تنوح
يا حمام الدوح، بالبلدان سوح، واندبو المطروح، اصبح مبتلي
ومثال لزين شعيب:
المطلع: طلقت الطوب، على المطلوب، عملت هبوب الريـح حصان
فتحت دروب، شروق غروب، اكلـت قلوب فـروخ الجان
الدور: لما هجمت، حصاني لجمت، الكون رجمت، هدمت قصور
ولو تكلمت، وخصمت علمت، بيوقف صمت، تمان شهور
ولما زعمت، القتل وقمـت الحرب ندمت على المغرور
فهمت علمت حلمت كرمت برمت عزمت على الديـوان
13. المعنى الأبجدي والألفبائي
هو من نوع المعنى العادي، تبنى كل من دعامتيه من 12 حركة أي يأتي على الوزن اليعقوبي، ويجب أن تكون القصيدة مرتبة على الحروف الأبجدية بحيث تستعمل فيها القوافي، مثال:
الاف الله قد بلاني في الهوا افنيت عمري في الهموم معذبا
انحل عزمي يا بشر قلبي اكتوا اشعل بقلبي نار زاد تلهبا
الماء والنيران موجودي سوا اي من سمع هذا الخبار تعجبا
ان لم يكن للداء من ذات ودوا انتشر جسم المتيم كالهبا
والنوع الآخر من المعنى الالفبائي، أن تكون القصيدة مرتبة على الحروف الالفبائية، ويحتفظ بالحرف المبني عليه البيت من القصيدة في سائر الكلمات التي يتألف منها البيت، مثال:
الالف: ام الجمال اذا اتتني الى الحمى اقول المضيئة اسلبت انوارها
الباء بانت بهت بزغت ببرج بالسما باشعة بسطت بلتني بنارها
التاء تهتز تمشي ترد تحكي تنعما تماما تراها تشتهي تختارها
الثاء ثم ثناها ثناء ثابت ثاغما ثبتت ثنية ثبتهتها ثمارها
الجيم جذبت جمالا جنب جود جازما جنة جناها جان جلل جارها
منقووووووووووول
و كلما حصلت على معلو مة جديدة من أي مو قع أو مصدر سو ف أحا و ل تنز ليها هنا و شكرااا
وفيما يلي شرح موجز مع امثله نقلته عن احد المصادر :
المعنى وانواعه وأوزانه :
1. المعنى العـادي
ويقال للمقطع الأول من القصيدة "المطلع" (أي مطلع القصيدة) والأبيات التي تليها يقال لها "الدور" ويقال للشطر الأول من كل بيت "الصدر" وللشطر الثاني "العجز".
وطريقة المعنى العادي هي أن تكون القافية في صدر وعجز البيت الأول وعجز البيت الثاني واحدة في المطلع وأن يرجع لها بعد نهاية كل دور الذي يتألف عادة من بيتين. ووزن المعنى العادي من البحر اليعقوبي حيث يتألف البيت منه من 24 حركة وتتألف كل من دعامتيه من 12 حركة، 12 دعامة حركة الشطر الأول من البيت و12 دعامة في الشطر الثاني من البيت.
مثال لمنير وهيبة الياس الخازني الغساني
المطلع:
يا مجدليـِِّي جـار تاريخ البشر خطيتي خطيـِّي بشرعهم ما بتنغفـر
عالرجم كانوا سايقينك عالدروب وكل واحد حامـل بإيـدو حجــر
=====================================
2. المعنى القصيد
يتألف هذا المعنى من عدة أبيات يكون صدر وعجز البيت الأول وعجز البيت الثاني على قافية واحدة، وصدور البيات التي تلي ذلك على قافية واحدة وإعجازها على قافية البيت الأول. وكثيرا ما تفضي القصيدة إلى خرجة تكون قافيتها حرة، أما قافية البيت الأخير من القصيدة تعود إلى القافية العامة، وهي على الوزن اليعقوبي وتألف دعامتيه من 12 حركة.
مثال:
من نظم الشاعر الصحافي شاكر سليمان صاحب مجلة السلوى: -
تقلا عجوز الدهر علَّمـها كثيـر وما بقي من عمرها غير اليسـير
وداقت من الدنيا الحلاوي والمرار ونامت على العجرم ونامت عالحرير
ونالت مكاني عاليي بين الجـوار ومـيَّزت بيـن الغني وبيـن الفقير
وأصحابها كانو من النعمي كتـار وقلُّو عندما شـاهدوها عالحصيـر
والدهر قلب والدنــي باختصار سـاعة إلك سـاعة عليك تعدبك..... (خرجة)
حكِّـم بها عقلك وامشي يا بصير
دور:-
وين عينك مجدليـة هالزمـان تشـوفها إلها الحكي وصدر المقـام
القول إلها وناشر عليها الأمـان جناح السعادة ولا قلـب منهـا نفـر
ومن المعنى ما يفضي آخره إلى خرجة تكون قافيتها حرة، مثال ذلك تتمة للقصيدة السابقة بمريم المجدلية:
بماضي الزمان عالرجم وداكي الهوى وهاك الشريعة راح عهدا وانطوى
واليوم يللـي بيلتـجي لبنـت الغوى بشرع التمدن صار أكبر آدمي... (الخرجة)
وبالمجـد والتقدير اسمو بينذكر
==========================================
3. المعنى الجناس
هذا المعنى يتألف من عدة أبيات، يكون صدر وعجز البيت الأول من القصيدة على قافية واحدة، وصدور الأبيات التي تلي ذلك جميعها منتهية بكلمة متشابهة لفظا ومختلفة معنىً. أما الإعجاز تعود قافيتها على القافية العامة للقصيد، وتنتهي بخرجة قافيتها حرة، ويكون البيت الأخير على القافية العامة.
مثال – تابع للقصيدة السابقة في المعنى القصيد
في يوم تقلا جالسـي عالمسطبي وهيفا تمشط شعرها العسلي العبي
تمعَّنت في بنتـها تـلك العجـوز وعنها حسن هيفا ولطفا ما خبي
تذكرت عهد المضي بوادي العجوز قرب البيادر حيث ما شـافت أبي
لعـب الهوى في قلبها لعب العجوز والقلب بخفايا الهوى أصدق نبـي
كانت صبية شـارقة متل العجوز واليوم صارت شمسها بحضن الغروب.. (خرجة)
وعصف ريح السن بالورد النضير (القافية العامة للقصيدة)
==========================================
. 4 المعنى الموشـح
يتألف البيت في هذا النوع من المعنى من وزنين الشطر الأول يأتي من البحر المزدوج وتتألف دعامته من 7 حركات، والشطر الثاني من البحر المتساوي وتتألف دعامته من 4 حركات وبذلك يكون مجموع دعامة البيت 11 حركة، وطريقته تكون الصدور في البيتين الأول والثاني على قافية واحدة والعجز في البيتين الأول والثاني على قافية واحدة. وهو ما يسمى المطلع، ويليه الدور وكل دور يتألف من أربعة أبيات صدورها على قافية واحدة واعجازها على قافية واحدة إلا عجز البيت الرابع فيعود للقافية العامة من المطلع.
مثال لأسـعد السـبعلي
المطلع: عم تضحـك بالبنديرة أرزة لبنــان
وراعي بلحن المنجيرة يهز الوديــان
الـدور لبنانــك يا لبنانـي بيرقـص بالنور
الصيّفيي فيه غنانـي تلحيــن طيور
ورقصة قلب الأماني عبساط زهـور
ومسرح وحي الروحاني ومرج الغـزلان
==========================================
5. المعنى المخـرَّج
استحدث أمير الزجل رشيد نخله هذا النوع من المعنى، وطريقته زيادة خرجة بعد كل بيت من القصيدة، تكون فيها قافيتها جارية على القوافي الأخيرة في الأبيات، أما وزنه على البحر السريع وتتألف حركاته من 20 حركة 10 حركات في الشطر الأول و10 حركات في الشطر الثاني، أما الخرجة فتأتي على البحر المتساوي وتتألف دعامتها من 4 حركات.
مثال لرشيد نخله:
ما بين جفاك ودبحة عيونك يا عامرية مات مجنونك
فدا عيونك ..... (الخرجة)
ان عاد لوى قلبك عله وحن بترد ترجع روح مدفونك
ومغبـونك
ان عاد لوى قلبك عله وحن بيكون عَقلبو تصب سلوى ومن
من دون من
وان كان سبقلو وفي غرامك جن بيرجع لعقلو يكون ممنونك
ومديونك.....
==========================================
6. المعنى الرّدف المطـوَّل
استحدث أمير الزجل رشيد نخله هذا النوع من المعنى، وهو كالمعنى العادي، انما يفاض إلى خرجات متعددة تكون صدورها من قافية واعجازها من أخرى، ثم يرجع في آخر القصيدة إلى بيت يكون صدره من قافية مستقلة وعجزه من القافية العامة. وتأتي أوزانه من بحري السريع والمتقارب. مثال لرشيد نخله:
الله معــك با أم القميص الزهـر زهر الربيع هفهـف بحفـة نهر
ربك خلـق كـل الدنـي باسـبوع لكن عليـك ضل ينحـت شـهر
ربك خلـق كل الدنــي باسـبوع وانت تشـدي عالجمال طلــوع
حتى براك شـرقطة من شـموع مشـعشـعة بجبلة لحم وعظـام
مميـزة عن كل أهل الدهـر
مشعشـعة بجبلة لحـم وعظـام براس مكوز فـوق سـلب قـوام
شـعر يتمـوج هـوى وأوهام
بلـوان ليليـات من حول صبح بسام
والوجه والهالات انشـق القمر بلثـام خرجــات
حواجـب هلاليات جـرة قلم عــلام
7. المعنى المذيــَّل المقلوب
تختلف أوزان هذا المعنى، وطريقته أن تكرر خرجات المطلع في صدور أبيات القصيد التابع له تكريرا معكوسا ( ومن هنا كان اسمه) أي ترد على التوالي من الخرجة الأخيرة إلى صدر البيت، وطريقة أخرى أن يكتفي الناظم بنقل جملة من عجز البيت الأخير من كل دور إلى صدر البيت الأول من الدور التالي، وهكذا.
مثال لرشيد نخله:
المطلـع:
امثال مليانة حكم خدها وافهم مغامزها ومآخذها
يا دل قايل كلمة البيكون مش ممكن يقدر ينفذها
دور
يا دل قايل كلمة البيكون من أجلها عز النفوس مرهون
والشدايد عالصبر بتهون وما في نزلــة بلا طلعة ..... (الخرجة)
ولا طريق إلا بمنفذها
دور
وما في نزلة بلا طلعـة والهـرش ما بتلبق إلو الدلعـة
وبشعر غيرا تكنَّت القرعة وتا تسمع الكنة حكي الجارة... (الخرجة)
ولا تلومها ولا تواخذها
وهكذا....
الطريقة الثانية، هي نقل جملة من عجز البيت إلى صدر الدور الذي يليه، مثال لرشيد نخلة
مطلع:
يا طير صوب بلادهم خذني معك جسمي أخف من النسيم شو بيمنعك
قللي بتمنعني دموعك بالهـوى بلكي تبلـل جانحـي من مدمعـك
دور
قللي بتمنعني دموعك بالهـوى من كتر ما بتجري على حر النوى
يا طير نار القلب من فرط الجوى بتنشـف التبليـل ما بتلدعـك
دور
بتنشف التبليل وبتطفي اللهب منتي وبالحالين ما منَّـك ســبب
لكن عليك كثير قل يا للعجب شــوقي إلي اللي نظرتو بتوقعك
وهكـذا..
8. المعنى : - البدالي – المقصَّـد – الموشـح
وهو ما استحدثه رشيد نخلة، فالبدالي:
يختلف عن المطلع في العروض، أما طريقته فطريقة المطلع مثال:
لا النســيم بيحمل اوراقي ولا أنا عا حالتــي باقــي
شفلي طريقة يا حمام الدوح توصل سلامي وتحمل اشواقي
شفلي طريقة يا حمام الدوح ووصل شواقي لا بكي ولا نوح
لو نشق صدري يبان تحت اللوح قلـب متـل سفنجة الخفـان
ومثال لجرجس بدر:
كنا فرحنا بقدوم الزيـن تاريك مـش موزون بدك رين
كل خايس يكتسي ذال لام وكل كامـل يكتسب عين وزين
أما المقصـَّد هو اسلوب ادخال القصيد وعروض القرادي على البدالي مثال لرشيد نخلة
نكان ما تخاف مني خاف ربك صرت اخجل تسميني محبك
قلبي ما بقى يطيقك تركني وشفلك قلب غير قلبي يحبك
قلبي ما بقى يطيقك تركني وما عاد لي على هالحب مكني
عاصدري كنت باني فيك ركني
انهز وماد ركن الصدر
فـوق فواد يهـدر هدر
وعنك حاد بعـد الغدر
عقب جهاد وطـى القدر
وللحساد صار في عذر واضح تحكي وتشـتفي فيِّي وتسـبك
أما الموشح فطريقته في تقفية الشرحة والردة والبيت الثالث وخرجته في المقطع الأول وفق طريقة المطلع العادي، إلا أن الخرجة الأولى بعد ذلك تختلف في العروض وترجع قافيتها إلى قافية الموشح، أما بقية المقاطع فيكون البيت الأول وخرجته من قافية واحدة وترجع قافية الخارجة الثانية الى قافية الموشح العامة، مثال لرشيد نخله:
من الشرق يا حــادي عـرَّج علـى الـوادي
وستنشق من الشـيح ريـحة هــوا بـلادي
وستنشق من الشــيح تراب الحمـى والريـح
بلوعـة وجـوى وتبريــح
يــا حـــــادي باسـم الحبيـب نــادي
باسم الحبيـب كنِّـي بأبيـــات مـن فنِّـي
وان سـايلك عنِّــي بغيـــر عــــادة
جــاوب وكــون هــادي
9. المعنى القصيـد
للمعنى القصيد ضربان: مســتقل وتابع للمعنـى العـادي - المطلع، طريقة الأول أن تكون قافية الصدور جميعها واحدة، وقافية الاعجاز جميعها واحدة
مثال لأسـعد السـبعلي:
طل الصـباح وتكتك العصفور سـهرنا وطوَّلنا بنومتنا
شـوفي الشفق فرَّق علينا النور والشمس منشورة عاخيمتنا
والكون غاشي والفلك مسحور من سقسـقة ميَّـات نبعتنا
يختي سبقيني وولفي المعـدور حتى نكفّـي نكاش بورتنا
ليكي الجدايا هدهدو المعبـور وخرَّبـو مطاعيم كرمتنا
عيّطيلـك صـوت للناطـور عنـزات بو طنُّوس خربتنا
والطريقة الثانية التابع للمطلع: هي طريقة المعنى العادي في المطلع ويليه بيت صدره وعجزه من قافية واحدة، ثم تكون قصيد صدورها من قافية واحدة واعجازها من قافية واحدة إلا أنه يفرق عنه في البيت الأخير حيث ترجع (الرجوع) قافية صدره إلى قافية البيت الذي يلي المطلع وقافية عجزه إلى قافية المطلع العامة.
مثال:
المطلع:
يا وطن شو انت بجبالك غني ولهَيْبتك عنق الزمـان بينحنـي
لبنان يا أحلى دني وألطف نسيم انت الدني ولولاك شو بتسوى الدني
البيت :
اسمك قصيدة وأرزتك أم الدهور والفجر عتلاَّتك مراجيـح نـور
القصيد:
سواقيك مـوَّال الهنا موالها ترابات أرضك تبر نسماتك عطور
جبالك خيال الفكر ما بيطالها شو تكسَّر عليها جوانح نســور
والراعيي البتميجن بعرزالها من السما شو شوهرو عليها البدور
الرجوع:
والسندياني الحاملي سرار العصور كعبها بيفني العصور وما فني
10. المعنى القصيـد المرصود
يكون هذا النوع من الجناس، تتألف صدوره من كلمة متشابهة لفظا ومختلفة معنى، وكذلك اعجازه، ويأتي على الوزن اليعقوبي كالمعنى العادي عدد دعامته 12 حركة في كل شطر أي بمجموع 24 حركة، مثال:
اشكرك يا من على سطح العجوز اسمك تباهي عالخلايق مثل عين
لا زلت باسط عاليا شبه العجوز سامي وعلي ضاهي وباهي مثل عين
خلقك أمام العالمين مثل العجوز في كل محضر شهم سايد مثل عيـن
والجود فايض من يدك فيض العجوز والموج منه عالبشر فضة وعين
أيا جعفري لو قابلك شاكي العجوز قبل الطلب نالت يمينو ألف عين
جد من جودك غني ذاك العجوز نال الغنى من يد فاضت مثل عين
الخ................
11. المعنى القصيـد العادي المرصود
أن تكون الكلمة في صدر وعجز البيت الأول وعجز الثاني من الجناس، متشابهة لفظا مختلفة في المعنى، مثـال:
يللي مليت الكون من روحك حكم انت الهوى وحبك على العاشق حكم
عينك على المشتاق شو فيها خطر وســهمها الاَّ بقلبـي مـا حكـم
12. المعنى القصيد المجـزَّم
يتألف هذا النوع من القصيد من مطلع ودور، وطريقته التزام قافية في كل مقطع والرجوع في البيت الأخير إلى القافية العامة، مثال:
لأسعد السبعلي:
المطلع: حصاني جال، بسوق مجال وهز رجال على الميلين
خصمي زال ودمعو سال وعنِّي مال، بلمحة عين
الدور: عطرِك فاح، وبدِك لاح وقلبي ناح، على ضلوعي
سري انباح، ومالي جناح لبست وشاح، من دموعي
عليّ راح، عملت مناح وجفني شـاح، من ولوعي
دزّ رماح، وشهر سلاح، ولا الأرواح، يهزا البين
لبولس رشيد الغريب:
المطلع: ما زال حب الغير في عينك حلي صار واجب ودعك فيما يلي
بدنا تكون مشروح خليها تروح من جسدها الروح لديار البلي
الدور بدنا تكون مشروح، خليها تروح، من جسدها الروح، والميمي تنوح
يا حمام الدوح، بالبلدان سوح، واندبو المطروح، اصبح مبتلي
ومثال لزين شعيب:
المطلع: طلقت الطوب، على المطلوب، عملت هبوب الريـح حصان
فتحت دروب، شروق غروب، اكلـت قلوب فـروخ الجان
الدور: لما هجمت، حصاني لجمت، الكون رجمت، هدمت قصور
ولو تكلمت، وخصمت علمت، بيوقف صمت، تمان شهور
ولما زعمت، القتل وقمـت الحرب ندمت على المغرور
فهمت علمت حلمت كرمت برمت عزمت على الديـوان
13. المعنى الأبجدي والألفبائي
هو من نوع المعنى العادي، تبنى كل من دعامتيه من 12 حركة أي يأتي على الوزن اليعقوبي، ويجب أن تكون القصيدة مرتبة على الحروف الأبجدية بحيث تستعمل فيها القوافي، مثال:
الاف الله قد بلاني في الهوا افنيت عمري في الهموم معذبا
انحل عزمي يا بشر قلبي اكتوا اشعل بقلبي نار زاد تلهبا
الماء والنيران موجودي سوا اي من سمع هذا الخبار تعجبا
ان لم يكن للداء من ذات ودوا انتشر جسم المتيم كالهبا
والنوع الآخر من المعنى الالفبائي، أن تكون القصيدة مرتبة على الحروف الالفبائية، ويحتفظ بالحرف المبني عليه البيت من القصيدة في سائر الكلمات التي يتألف منها البيت، مثال:
الالف: ام الجمال اذا اتتني الى الحمى اقول المضيئة اسلبت انوارها
الباء بانت بهت بزغت ببرج بالسما باشعة بسطت بلتني بنارها
التاء تهتز تمشي ترد تحكي تنعما تماما تراها تشتهي تختارها
الثاء ثم ثناها ثناء ثابت ثاغما ثبتت ثنية ثبتهتها ثمارها
الجيم جذبت جمالا جنب جود جازما جنة جناها جان جلل جارها
منقووووووووووول
و كلما حصلت على معلو مة جديدة من أي مو قع أو مصدر سو ف أحا و ل تنز ليها هنا و شكرااا
m3rouf- المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 23/06/2008
رد: تعريف الزجل
الزَّجل. فن من فنون الشعر العامِّي، نشأ وازدهر في الأندلس، ثم انتقل إلى المشرق العربي على خلافٍ في ذلك بين مؤرخي الأدب.
معناه اللغوي. تفيدنا معرفة المعنى اللغوي لكلمة زجل في إدراك السبب في اختيار الكلمة اسما لفن الزجل. فالأصل الحسي لكلمة زَجَل يفيد أنها كانت تعني: درجة معيّنة من درجات شدة الصوت، وهي الدرجة الجهيرة ذات الجلبة والأصداء. وبهذه الدلالة، كان يُقال للسحاب: سحاب زَجِل، إذا كان فيه الرعد. كما قيل لصوت الأحجار والحديد والجماد أيضًا زجل.
ثم تغيرت دلالة كلمة زَجَل، فأصبحت تعني اللعب والجلبة والصّياح، ومنها انتقلت إلى معنى: رفع الصوت المرنَّم. ومن هنا جاء إطلاق اسم زجل على صوت الحَمَام، ثم إطلاقه على الصوت البَشَري المُطرب. وقد يؤكد هذا الارتباط الدلالي بين كلمة زجل ومعني الصوت العالي المُنَغَّم أن كلمة زجَّالة ما زالت تُطلق ، في إحدى واحات مصر، على جماعة الشباب الذين يجتمعون في مكان بعيد ليؤدُّوا الرقص والغناء الصاخب بمصاحبة آلاتهم الموسيقية.
معناه الاصطلاحي. غدت كلمة زجل في الدوائر الأدبية والغنائية مُصطلحًا يدل على شكل من أشكال النظم العربي، أداته اللغوية هي إحدى اللهجات العربية الدارجة، وأوزانه مشتقة أساسًا من أوزان العروض العربي، وإن تعرضت لتعديلات وتنويعات تتواءم بها مع الأداء الصوتي للهجات منظوماته. ويتيح هذا الشكل من النظم تباين الأوزان وتنويع القوافي وتعدد الأجزاء التي تتكون منها المنظومة الزَّجلية، غير أنه يُلزم باتباع نسق واحد ينتظم فيه كل من الوزن والقافية وعدد الشطرات التي تتكون منها الأجزاء، في إطار المنظومة الزَّجلية الواحدة.
وقد صنَّف القدماء الزجل، مع المواليا والقوما والكان كان ضمن ماسمَّوه الفنون الشعرية الملحونة أو الفنون الشعرية غير المُعْرَبة. ويقصدون بهذا الاسم: أشكال النظم العربية التي ظهرت في العصر الأدبي الوسيط، والتي لم يلتزم ناظموها باللغة الفصحى المعيارية، وخاصة بالنسبة لقواعد الإعراب. واعتماد ذلك التصنيف على هذا الفارق اللغوي يدلّ على إدراك نافذ. فالواقع أن هذه الأشكال غير المُعْرَبة ظلت على صلة وثيقة بالأشكال المُعْرَبة، وتتبنى تقاليدها الفنية، رغم فارق مستوى الأداء اللغوي. بل إن لغة الزجل، مثلاً، وإن كانت غير مُعْرَبة، كانت تقترب من الفصحى بقدر كبير. فلـُغة المنظومات الزَّجلية كانت لهجة دارجة خاصة بالزجالين، بوصفهم أفرادًا يلتحقون بالدوائر الأدبية السائدة، وتتحد أطرهم المرجعية في داخل نوع الثقافة العربية التي تُقرُّها هذه الدوائر. وقد ظل هذا الفارق في مستوى الأداء اللغوي أحد مقوّمات تمايز الزجل عن الشعر الفصيح، كما كان في الوقت نفسه أحد مقوّمات تمايز الزجل عن أشكال الشعر الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري) وعن حركة شعر العامية واختلافه معها.
مكان الزجل بين أشكال النظم الأخرى. اتخذ الزجالون من الزجل شكلاً للتعبير استجابة لحاجة لغوية، وتحقيقًا لوظيفة فنيّة، لم تكن الأشكال الأخرى تفي بهما. فقد انحصر كل من القصيدة التقليدية والموشح، بلغتهما ومواضعاتهما، في دائرة مُحدَّدة رسميًا وفئويًا. بينما استبعدت أشكال الشعر الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري)، الموجودة بالفعل. في الوقت الذي كانت قد تكوّنت فيه شريحة اجتماعية جديدة من أبناء البيوتات العربية في الحواضر والمدن. وكانت هذه الشريحة قد تقلّبت بها صروف الحياة ومطالب العيش في أسواق هذه المدن، ولكنها في توجهاتها ومطامحها تسعى للالتحاق بالدائرة الحاكمة مستجيبة لمعاييرها الاجتماعية والثقافية. ومن هنا، سعى مثـقّـفُو هذه الشريحة الجديدة للتعبير عن أنفسهم في شكل جديد وسيط، يتناسب مع وضعهم الاجتماعي والثقافي الوسيط. وكان على هذا الشكل المُوَلَّد أن يعتمد أداة له: لهجة مُوَلَّدة تَدْرُج بين هذه الفئة من المثقفين، وأن يتخذ من ذائقتها ومعاييرها الفنية ضابطًا. وكان هذا الشكل المُوَلّد هو الزجل.
ومنذ بداياته الأولى، ظل الزجل فنا مدينيا في المقام الأول، وبقي محتلاًّ موضعه الوَسَطِيّ بين أشكال النظم العربية. وإن كانت وسطيَّته هذه تميل إلى جانب تراث الشعر الفصيح، وتبتعد عن مأثور الشعر الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري). وعلى أساس موضوعه الوَسَطِيّ هذا، تحددت وظائفه وخصائصه، كما تحدد مسار الظواهر التي رافقت نموه عبر تاريخه الطويل. وإدراكنا لهذا الموضع الخاص بالزجل يُمكننا من حُسن فهم خصوصياته، ويزيل كثيرًًا من الالتباسات التي أحاطت به، سواء ما أثاره القدماء أو ما أحدثه المحدثون.
هيكل المنظومة الزجلية. تشير المصادر القديمة إلى أن الزجالين، في المرحلة الأولى من ظهور الزجل، كانوا ينظمون الأزجال في هيئة القصيدة العربية المعهودة، ذات الأبيات المُفردة والقافية الواحدة والوزن الواحد. وهي بذلك كانت تشبه القريض، لا تختلف عنه بغير عدم التزام الإعراب وباستخدام لهجة ناظميها الدارجة. وكانت تلك المنظومات تُسمَّى القصائد الزجلية.
وقد يُمثل هذا القالب قصيدة مدغليس، الذي كان واحدًا ممن ثبتوا فن الزجل من معاصري ابن قزمان (ت554هـ).ومطلعها:
مَـضَ عــنّي مَـن نحـــــبُّو ووَدَّعْ و لهيب الشُوق في قَلبي قد أودَعْ
لو رَأيتْ كفْ كُنّ نَشياعوا بالعين وَمَ ندري أن روحي نشيع
من فظاعة ذا الصَبَر كنت نعْجب حتّى ريْتْ أنْ الفراق منّو أفظعْ
ومنذ هذا الطور الأول في حياة الزجل، بقي قالب القصيدة رصيدًا دائمًا يعود إليه الزجالون، وإن مالوا، من بعد، إلى النظم في هيئات متجددة تتعدد فيها الوحدات، وتتفرع الأوزان، وتتنوع القوافي.
وأبسط قوالب النظم في هذه الهيئات المتجددة ما يعتمد على وحدات رباعية. كما يتبين من النموذج التالي المنقول عن زجل لصفي الدين الحلِّي (750هـ):
ذا الوُجُود قَدْ فاتَكْ وأنْتَ في العَدَم ما كُفيت من جَهْلَكْ زَلَّة القَدَم
قَدْ زَرعْتَ ذي العَتْبَة فاحْصـدُ النَّدَمْ أو تَريدْني الساعة ما بَقِيتُ أريدْ
ثم تتدرج قوالب النظم من حيث كثرة عدد أقسام المنظومة، وعدد أشطار وحداتها، ومن حيث التنوّع في التقسيم الموسيقي لعناصرها، بحيث يصل تركيب قالب المنظومة فيما سُمي الحِمْل، مثلاً، إلى الصورة التالية:
للحمل مطلع ذو بيتين. وبعد المطلع تتالي الأدوار، وهي اثنا عشر دورًا في الغالب. والدور خمسة أبيات أو أربعة. فإذا كانت الأدوار من ذات الخمسة أبيات فتأتي الثلاثة الأولى على قافية واحدة والاثنان الأخيران على قافية المطلع، وإلا كانت كلها على قافية واحدة.
وكما كثُرت قوالب النظم، كَثُرت مصطلحاته وتسميات تفريعاته وعناصره بما تطول متابعته. ولكنا نكتفي بإيراد المخطط التالي لإيضاح هيئة وحدة زجلية وتسميات أجزائها.
المطلـع: غصن أ غصن ب
البيـت أ غصن
أو أ غصن
الدور أ غصن
القُفل: غصن أ غصن ب
ولا تختلف هذه التقسيمات كثيرًا عن التقسيمات الفنية لأجزاء الموشحة. انظر: الجزء الخاص بالموشحات في هذه المقالة.
أما في العصر الحديث، فقد مال الزجالون إلى النظم في القوالب البسيطة، وابتعدوا عن التعقيد وتشقيق الأجزاء، ولهذا تتخذ منظوماتهم إما هيئة القصيدة، وإما تلك المعتمدة على الوحدات الرباعية وأضرابها.
أغراض الزجل. منذ أن استقر الزجل شكلاً من النظم مُعْترفًا به، ومنظوماته تعالج مختلف الأغراض التي طرقتها القصيدة العربية التقليدية، كالمدح والهجاء والغزل والوصف. وقد استمرت تلك الأغراض قائمة يتناولها الزجالون على توالي العهود والعصور حتى اليوم، غير أن للزجالين، في كل عهد معين وبيئة محددة، مجالات يرتبطون بها. ومن ثم كان مركز اهتمامهم ينتقل من أغراض بعينها، تلقى قبولاً في هذا المجال أو ذاك، إلى أغراض أخرى، تختلف باختلاف العهود والبيئات الثقافية التي ينتمون إليها.
ومن ذلك ما نقرؤه في أزجال زجّالي أندلس القرن السادس الهجري، وزجالي العصر المملوكي في القرن الثامن، مثلا، من انشغال بالعشق والشراب، ووصف الرياض ومجالس الصحاب؛ نتيجة لالتفاف زجالي هذين العهدين حول دوائر الخاصة والتحاقهم بمجالسهم التي كان مدارها الغناء والتنافس في إظهار المهارة والتأنُّق والتَّظرُّف.
وعندما أصبح للصوفية وجودها في الحياة الاجتماعية، وأصبح من أهل التصوف مَن ينظم الزجل، غدا الزجل مليئًا بالمواعظ والحكم ووصف أحوال الصوفي.
على هذا النحو، تنقلت محاور التركيز في أغراض الزجل وموضوعات منظوماته، إلى أن جاء العصر الحديث وأصبحت مواجهة الاستعمار والتغيير الاجتماعي هما شغل الأُمَّة الشاغل، أخذ الزجالون يشاركون في الحركة الوطنية. ولذا صارت القضايا الاجتماعية والسياسية من أهمّ المواضيع التي تعالجها المنظومات الزجلية.
وفي كل الأحوال، فهذا الارتباط الوثيق بين المنظومات الزجلية ومشاغل ناظميها وجمهورهم الذي يتلقاها، قد وفّر للمنظومات الزجلية إمكانية واسعة لتجويد أساليبها وصقل طرق صياغتها؛ كما أتاح لأدواتها البلاغية وتصويرها البياني مزيدًا من الواقعية والقدرة على التشخيص والتجسيد، الأمر الذي يسَّر استخدام الزجل في أشكال التعبير الفني الحديثة.
الزَّجَل في الأندلس. يعد الزجل والموشح من الفنون الشعرية التي ازدهرت في الأندلس لظروف خاصة بالبيئة الأندلسية ثم انتقلت بعد ذلك إلى المشرق.
منقووووووووول
يتبع
معناه اللغوي. تفيدنا معرفة المعنى اللغوي لكلمة زجل في إدراك السبب في اختيار الكلمة اسما لفن الزجل. فالأصل الحسي لكلمة زَجَل يفيد أنها كانت تعني: درجة معيّنة من درجات شدة الصوت، وهي الدرجة الجهيرة ذات الجلبة والأصداء. وبهذه الدلالة، كان يُقال للسحاب: سحاب زَجِل، إذا كان فيه الرعد. كما قيل لصوت الأحجار والحديد والجماد أيضًا زجل.
ثم تغيرت دلالة كلمة زَجَل، فأصبحت تعني اللعب والجلبة والصّياح، ومنها انتقلت إلى معنى: رفع الصوت المرنَّم. ومن هنا جاء إطلاق اسم زجل على صوت الحَمَام، ثم إطلاقه على الصوت البَشَري المُطرب. وقد يؤكد هذا الارتباط الدلالي بين كلمة زجل ومعني الصوت العالي المُنَغَّم أن كلمة زجَّالة ما زالت تُطلق ، في إحدى واحات مصر، على جماعة الشباب الذين يجتمعون في مكان بعيد ليؤدُّوا الرقص والغناء الصاخب بمصاحبة آلاتهم الموسيقية.
معناه الاصطلاحي. غدت كلمة زجل في الدوائر الأدبية والغنائية مُصطلحًا يدل على شكل من أشكال النظم العربي، أداته اللغوية هي إحدى اللهجات العربية الدارجة، وأوزانه مشتقة أساسًا من أوزان العروض العربي، وإن تعرضت لتعديلات وتنويعات تتواءم بها مع الأداء الصوتي للهجات منظوماته. ويتيح هذا الشكل من النظم تباين الأوزان وتنويع القوافي وتعدد الأجزاء التي تتكون منها المنظومة الزَّجلية، غير أنه يُلزم باتباع نسق واحد ينتظم فيه كل من الوزن والقافية وعدد الشطرات التي تتكون منها الأجزاء، في إطار المنظومة الزَّجلية الواحدة.
وقد صنَّف القدماء الزجل، مع المواليا والقوما والكان كان ضمن ماسمَّوه الفنون الشعرية الملحونة أو الفنون الشعرية غير المُعْرَبة. ويقصدون بهذا الاسم: أشكال النظم العربية التي ظهرت في العصر الأدبي الوسيط، والتي لم يلتزم ناظموها باللغة الفصحى المعيارية، وخاصة بالنسبة لقواعد الإعراب. واعتماد ذلك التصنيف على هذا الفارق اللغوي يدلّ على إدراك نافذ. فالواقع أن هذه الأشكال غير المُعْرَبة ظلت على صلة وثيقة بالأشكال المُعْرَبة، وتتبنى تقاليدها الفنية، رغم فارق مستوى الأداء اللغوي. بل إن لغة الزجل، مثلاً، وإن كانت غير مُعْرَبة، كانت تقترب من الفصحى بقدر كبير. فلـُغة المنظومات الزَّجلية كانت لهجة دارجة خاصة بالزجالين، بوصفهم أفرادًا يلتحقون بالدوائر الأدبية السائدة، وتتحد أطرهم المرجعية في داخل نوع الثقافة العربية التي تُقرُّها هذه الدوائر. وقد ظل هذا الفارق في مستوى الأداء اللغوي أحد مقوّمات تمايز الزجل عن الشعر الفصيح، كما كان في الوقت نفسه أحد مقوّمات تمايز الزجل عن أشكال الشعر الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري) وعن حركة شعر العامية واختلافه معها.
مكان الزجل بين أشكال النظم الأخرى. اتخذ الزجالون من الزجل شكلاً للتعبير استجابة لحاجة لغوية، وتحقيقًا لوظيفة فنيّة، لم تكن الأشكال الأخرى تفي بهما. فقد انحصر كل من القصيدة التقليدية والموشح، بلغتهما ومواضعاتهما، في دائرة مُحدَّدة رسميًا وفئويًا. بينما استبعدت أشكال الشعر الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري)، الموجودة بالفعل. في الوقت الذي كانت قد تكوّنت فيه شريحة اجتماعية جديدة من أبناء البيوتات العربية في الحواضر والمدن. وكانت هذه الشريحة قد تقلّبت بها صروف الحياة ومطالب العيش في أسواق هذه المدن، ولكنها في توجهاتها ومطامحها تسعى للالتحاق بالدائرة الحاكمة مستجيبة لمعاييرها الاجتماعية والثقافية. ومن هنا، سعى مثـقّـفُو هذه الشريحة الجديدة للتعبير عن أنفسهم في شكل جديد وسيط، يتناسب مع وضعهم الاجتماعي والثقافي الوسيط. وكان على هذا الشكل المُوَلَّد أن يعتمد أداة له: لهجة مُوَلَّدة تَدْرُج بين هذه الفئة من المثقفين، وأن يتخذ من ذائقتها ومعاييرها الفنية ضابطًا. وكان هذا الشكل المُوَلّد هو الزجل.
ومنذ بداياته الأولى، ظل الزجل فنا مدينيا في المقام الأول، وبقي محتلاًّ موضعه الوَسَطِيّ بين أشكال النظم العربية. وإن كانت وسطيَّته هذه تميل إلى جانب تراث الشعر الفصيح، وتبتعد عن مأثور الشعر الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري). وعلى أساس موضوعه الوَسَطِيّ هذا، تحددت وظائفه وخصائصه، كما تحدد مسار الظواهر التي رافقت نموه عبر تاريخه الطويل. وإدراكنا لهذا الموضع الخاص بالزجل يُمكننا من حُسن فهم خصوصياته، ويزيل كثيرًًا من الالتباسات التي أحاطت به، سواء ما أثاره القدماء أو ما أحدثه المحدثون.
هيكل المنظومة الزجلية. تشير المصادر القديمة إلى أن الزجالين، في المرحلة الأولى من ظهور الزجل، كانوا ينظمون الأزجال في هيئة القصيدة العربية المعهودة، ذات الأبيات المُفردة والقافية الواحدة والوزن الواحد. وهي بذلك كانت تشبه القريض، لا تختلف عنه بغير عدم التزام الإعراب وباستخدام لهجة ناظميها الدارجة. وكانت تلك المنظومات تُسمَّى القصائد الزجلية.
وقد يُمثل هذا القالب قصيدة مدغليس، الذي كان واحدًا ممن ثبتوا فن الزجل من معاصري ابن قزمان (ت554هـ).ومطلعها:
مَـضَ عــنّي مَـن نحـــــبُّو ووَدَّعْ و لهيب الشُوق في قَلبي قد أودَعْ
لو رَأيتْ كفْ كُنّ نَشياعوا بالعين وَمَ ندري أن روحي نشيع
من فظاعة ذا الصَبَر كنت نعْجب حتّى ريْتْ أنْ الفراق منّو أفظعْ
ومنذ هذا الطور الأول في حياة الزجل، بقي قالب القصيدة رصيدًا دائمًا يعود إليه الزجالون، وإن مالوا، من بعد، إلى النظم في هيئات متجددة تتعدد فيها الوحدات، وتتفرع الأوزان، وتتنوع القوافي.
وأبسط قوالب النظم في هذه الهيئات المتجددة ما يعتمد على وحدات رباعية. كما يتبين من النموذج التالي المنقول عن زجل لصفي الدين الحلِّي (750هـ):
ذا الوُجُود قَدْ فاتَكْ وأنْتَ في العَدَم ما كُفيت من جَهْلَكْ زَلَّة القَدَم
قَدْ زَرعْتَ ذي العَتْبَة فاحْصـدُ النَّدَمْ أو تَريدْني الساعة ما بَقِيتُ أريدْ
ثم تتدرج قوالب النظم من حيث كثرة عدد أقسام المنظومة، وعدد أشطار وحداتها، ومن حيث التنوّع في التقسيم الموسيقي لعناصرها، بحيث يصل تركيب قالب المنظومة فيما سُمي الحِمْل، مثلاً، إلى الصورة التالية:
للحمل مطلع ذو بيتين. وبعد المطلع تتالي الأدوار، وهي اثنا عشر دورًا في الغالب. والدور خمسة أبيات أو أربعة. فإذا كانت الأدوار من ذات الخمسة أبيات فتأتي الثلاثة الأولى على قافية واحدة والاثنان الأخيران على قافية المطلع، وإلا كانت كلها على قافية واحدة.
وكما كثُرت قوالب النظم، كَثُرت مصطلحاته وتسميات تفريعاته وعناصره بما تطول متابعته. ولكنا نكتفي بإيراد المخطط التالي لإيضاح هيئة وحدة زجلية وتسميات أجزائها.
المطلـع: غصن أ غصن ب
البيـت أ غصن
أو أ غصن
الدور أ غصن
القُفل: غصن أ غصن ب
ولا تختلف هذه التقسيمات كثيرًا عن التقسيمات الفنية لأجزاء الموشحة. انظر: الجزء الخاص بالموشحات في هذه المقالة.
أما في العصر الحديث، فقد مال الزجالون إلى النظم في القوالب البسيطة، وابتعدوا عن التعقيد وتشقيق الأجزاء، ولهذا تتخذ منظوماتهم إما هيئة القصيدة، وإما تلك المعتمدة على الوحدات الرباعية وأضرابها.
أغراض الزجل. منذ أن استقر الزجل شكلاً من النظم مُعْترفًا به، ومنظوماته تعالج مختلف الأغراض التي طرقتها القصيدة العربية التقليدية، كالمدح والهجاء والغزل والوصف. وقد استمرت تلك الأغراض قائمة يتناولها الزجالون على توالي العهود والعصور حتى اليوم، غير أن للزجالين، في كل عهد معين وبيئة محددة، مجالات يرتبطون بها. ومن ثم كان مركز اهتمامهم ينتقل من أغراض بعينها، تلقى قبولاً في هذا المجال أو ذاك، إلى أغراض أخرى، تختلف باختلاف العهود والبيئات الثقافية التي ينتمون إليها.
ومن ذلك ما نقرؤه في أزجال زجّالي أندلس القرن السادس الهجري، وزجالي العصر المملوكي في القرن الثامن، مثلا، من انشغال بالعشق والشراب، ووصف الرياض ومجالس الصحاب؛ نتيجة لالتفاف زجالي هذين العهدين حول دوائر الخاصة والتحاقهم بمجالسهم التي كان مدارها الغناء والتنافس في إظهار المهارة والتأنُّق والتَّظرُّف.
وعندما أصبح للصوفية وجودها في الحياة الاجتماعية، وأصبح من أهل التصوف مَن ينظم الزجل، غدا الزجل مليئًا بالمواعظ والحكم ووصف أحوال الصوفي.
على هذا النحو، تنقلت محاور التركيز في أغراض الزجل وموضوعات منظوماته، إلى أن جاء العصر الحديث وأصبحت مواجهة الاستعمار والتغيير الاجتماعي هما شغل الأُمَّة الشاغل، أخذ الزجالون يشاركون في الحركة الوطنية. ولذا صارت القضايا الاجتماعية والسياسية من أهمّ المواضيع التي تعالجها المنظومات الزجلية.
وفي كل الأحوال، فهذا الارتباط الوثيق بين المنظومات الزجلية ومشاغل ناظميها وجمهورهم الذي يتلقاها، قد وفّر للمنظومات الزجلية إمكانية واسعة لتجويد أساليبها وصقل طرق صياغتها؛ كما أتاح لأدواتها البلاغية وتصويرها البياني مزيدًا من الواقعية والقدرة على التشخيص والتجسيد، الأمر الذي يسَّر استخدام الزجل في أشكال التعبير الفني الحديثة.
الزَّجَل في الأندلس. يعد الزجل والموشح من الفنون الشعرية التي ازدهرت في الأندلس لظروف خاصة بالبيئة الأندلسية ثم انتقلت بعد ذلك إلى المشرق.
منقووووووووول
يتبع
m3rouf- المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 23/06/2008
رد: تعريف الزجل
أطوار الزجل
لقد مر الزجل بخمسة أطوار نوجزها في الآتي:
أ- مرحلة ما قبل ابن قُُزمان. كان الزجل في هذه المرحلة هو شعر العامة وأقرب ما يكون للأغنية الشعبية التي تشيع على ألسنة الناس وتكون جهد جنود مجهولين. ونرجح أن الفئة المثقفة في هذه المرحلة كانت أكثر عناية بالقصائد والموشحات بينما كانت الطبقة العامة أكثر شغفًا بالأغنية الشعبية والزجل العامي. ولعل هذه المرحلة كانت في أواخر القرن الثالث الهجري.
ب- زجل الشعراء المعربين هو الطور الثاني من أطوار الزجل ويمثله نفر من الشعراء الذين كانوا يكتبون القصيدة أو الموشح قبل عصر ابن قزمان ثم اتجهوا لكتابة الزجل عندما رأوا رواج هذا اللون من الشعر عند العامة وهو أمر يشبه ما نراه اليوم حين يكتب بعض شعراء الفصحى أزجالاً عامية للغناء. ولعل هؤلاء النفر من الشعراء المعربين هم الذين عناهم ابن قزمان حين عاب على أزجالهم وقوع الإعراب فيها فسخر منهم في قوله:
¸يأتون بمعان باردة وأغراض شاردة وهو أقبح ما يكون في الزجل وأثقل من إقبال الأجل·.
وتميز من بين هؤلاء النفر الزجال أخطل بن نمارة، فقد أشاد ابن قزمان بحسن طبعه وحلاوة أزجاله في قوله: ¸ولم أر أسلس طبعًا وأخصب ربعًا من الشيخ أخطل بن نمارة فإنه نهج الطريق، وطرّق فأحسن التطريق·.
وقد ظهر هؤلاء المتقدمون من الزجالين المعربين في القرن الخامس الهجري خلال عصر ملوك الطوائف. ولما كانت بلاطات ملوك الطوائف أفسح صدرًا للشعراء وأكثر رعاية للشعر المعرب وتشجيعًا لأهله، لم تزدهر أزجال هذا الطور ومنيت بالكساد.
جـ- ازدهار الزجل. يمثل هذا الطور زجالو القرن السادس الهجري وهو نهاية عصر ملوك الطوائف وبداية عصر المرابطين. وقد ازدهر الزجل في هذا الطور بتشجيع الحكام الذين كان حسهم باللغة العربية لا يبلغ حس سابقيهم من ملوك الطوائف. ومن ثم لم تلق القصائد والموشحات الرعاية السابقة التي كانت تحظى بها في بلاطات ملوك الطوائف. ويُعد ابن قزمان إمام الزجل في هذا العصر بل وفي الأندلس قاطبة. واسمه أبو بكر محمد ابن عيسى بن عبد الملك بن قزمان (480-525هـ، 1087-1130م) عاش في عصر المرابطين، وتوفي في صدر الدولة الموحدية. نشأ في قرطبة نشأة علمية أدبية، إذ كان كاتبًا وأديبًا وشاعرًا ووشَّاحًا. وقد ورد في بعض المصادر أنه لما أحسّ قصر باعه في الشعر والتوشيح عمد إلى طريقة لايجاريه فيها أحد، فصار إمامًا لأهل الزجل. تجاوزت شهرته في الزجل الأندلس إلى المغرب والمشرق وقد صدر ديوان أزجاله صوت في الشارع أول مرة عام 1896م ثم عام 1933م بحروف لاتينية ثم نشر مرة ثالثة من قبل المستشرق الأسباني غارسيه قومس بحروف لاتينية مع ترجمة أسبانية.
بلغ الزجل على يد ابن قزمان ذروة نضجه حين قعَّد له القواعد، وجعل من أزجاله تدريبًا عمليًا لكُتّاب الزجل اللاحقين. كما عالجت أزجاله مختلف الأغراض التي وردت في الموشحات وإن غلب عليها الكُدية والتسول والإغراق في اللهو والمجون، كما كان ينتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية .
ويظل ابن قزمان على الرغم من مجونه واستهتاره أبرع زجالي الأندلس وإمامهم. فقد طبع الزجل بصورته الفنية في قالب عامية الأندلس التي تراوح بين العربية واللهجة الرومانسية (العامية اللاتينية)، يقول:
ذاب تنظر في مركز مطبـوع بكـلامًــا نبــــــيل
وتراه عندي من قديم مرفوع ليـس نرى به بديـل
بالضـرورة إليه هو المرجـوع دَعِنْ عن قال وقـيل
الشراب والغنا والجر في المـا في رياضًا عجيــب
هــذا كل عـــلا هُ عنـــدي لوصـــال الحبيـــب
د- الطور الرابع. يبدأ بمنتصف القرن السادس إلى القرن السابع الهجري، وهو مرحلة شهدت وفاة ابن قزمان وسقوط دولة المرابطين وقيام دولة الموحدين. ويعد أحمد ابن الحاج المعروف بمدغليس هو زجال هذا الطور وخليفة ابن قزمان في زمانه، كما ظهر زجالون آخرون كابن الزيات وابن جحدر الإشبيلي وأبي علي الحسن الدباغ.
هـ- الطور الخامس والأخير في حياة الزجل في الأندلس يقع في القرن الثامن الهجري، وكان من أشهر زجاليه الوزير لسان الدين بن الخطيب، وأبو عبد الله اللوشي، ومحمد بن عبد العظيم الوادي آشي.
موضوعات الزجل في الأندلس. عالج الزجل كثيرًا من الموضوعات التي عرفها الشعر والموشح، إلا أن الزجل كان يمزج في القصيدة الواحدة بين غرضين أو أكثر. فالغزل يمتزج بوصف الخمر والمدح يأتي في معيَّته الغزل أو وصف الطبيعة، ومجالس الشراب. ووصف الطبيعة تصحبه مجالس الطرب والغناء. أمّا الأزجال التي اختصت بغرض واحد لا تتجاوزه فقليلة. ويعدُّ الزجل الصوفي من الأزجال ذات الغرض الواحد وكان الشستري (توفي سنة 682هـ، 1283م) من زجالي القرن السابع الهجري أول من كتب الزجل في التصوف كما كان ابن عربي أول من كتب الموشح في التصوف.
أشكال الزجل في الأندلس، وأوزانه وسماته. تتفق القصيدة الزجلية مع القصيدة المُعْرَبة في التزام الوزن الواحد والقافية الواحدة والمطلع المصرع. وتختلف عنها في بساطة اللغة وعفويتها حتى تبلغ درجة السذاجة أحيانًا في بعدها عن الإعراب ووقوع اللحن فيها.
يتفق الزجل من حيث الشكل والتقسيمات الفنية مع الموشحة في المطالع والأغصان والأسماط والأقفال والأدوار والخرجات.
وتكمن قيمة الزجل الحقيقية في صدق تعبيره عن واقع حياة الناس في الأندلس، في أزقة قرطبة وحواري إشبيلية، وفي شفافية نقله لحياتهم بخيرها وشرها، جدها وهزلها، أفراحها وأحزانها... وهذا ما أكسبه صفة الشعبية وجعل الناس أكثر تعلقًا به.
نماذج من الزجل. يقول ابن قزمان في وصـف الطبيعة:
الربيــع ينشـــــر عــلام مثـل ســــــلطانًا مـؤيـد
والثمـار تـنـثـــر حليــــه بثيــاب بحـــل زبرجــد
والريــاض تلبــس غلالا من نبـات فحــل زمــرد
والبهــار مـع البـنـفسـج يا جمال أبيض في أزرق
ويقول في الغزل:
هجرن حبيبي هجر وأنا ليس لي بعد صبر
ليس حبيبي إلا ودود قطع لي قميص من صدود
وخاط بنقض العهود وحبب إليّ السهر
كان الكستبان من شجون والإبر من سهام الجفون
وكان المقص المتون والخيط القضا والقدر
ومن أزجال الشستري الصوفية قوله:
راس محلــــــوق ونمـــــش مولــــه
نطلب في السوق أو في دار مرفـــه
حـــافي نرشـــق تقــول اعـطِّ اللّه
خبـــزًا مطبـــوع ممن هـو مطبـــوع
مطـبوع مطبــوع إي والله مطبــوع
الزجل في المشرق العربي. تفيد المصادر التاريخية بأن الدوائر الثقافية في المشرق العربي تابعت إنجاز روّاد الزجل الأوّلين في الديار الأندلسية منذ ظهوره. ويبدو أن ظهور الزجل، بوصفه شكلاً من النَّظْم باللهجة الدارجة، لم يكن مُسْتغربًا بالنسبة للمشارقة. فقد كان لدى المشارقة أشكال أخرى من النظم باللهجات الدارجة. حيث كانت توجد أشكال من الشعر الشعبي (الجمعي، الفولكلوري) باللهجة العامية، كما ولّدت دوائر الخاصة أشكالاً من النظم بلهجاتها الدارجة، كالمواليا، والقوما، وكان وكان، والحماق.
ومنذ ذلك الوقت، احتفى المشارقة بهذا الشكل الجديد وأخذوا يتوسعون في النظم به. ولا نكاد نصل إلى القرن السابع الهجري حتى نجد أن الزجل قد شاع بين أدباء مصر والشام والعراق، وكأنما كان على كل مشتغل بفن القول أن يُدلي بدلوه، ويثبت مهارته في النظم بالزجل. وتتتالى أسماء من ينظمون الزجل من الأدباء والشعراء منذ ذلك الحين، فنقرأ عن: علي البغدادي (ت684هـ) في العراق، وابن النبيه (619هـ) وابن نباتة (ت 718هـ) في مصر، وأحمد الأمشاطي (ت 725هـ) وعلي بن مقاتل الحموي (761هـ) في الشام، وغيرهم.
ومن ثَمَّ صار نظم الزجل أمرًا مقبولاً في البيئة الثقافية، وأصبح فقرة مرغوبًا فيها في مجالس الأدب. وهكذا انضم الزجالون إلى البلاط الأدبي لأمراء وسلاطين العصر المملوكي في مصر والشام، حتّى صار من الزجالين مَن تولىّ الوزارة، مثل: محمد بن سليم المصري (ت 707هـ) وابن مكانس القبطي (794هـ).
الزجل في مصر. يُجمع دارسو الأدب العربي ومؤرخوه على أن الديار المصرية هي التي هيّأت للزجل موئلا كفل له الاستقرار والاستمرار. ففي مصر، اتسعت حركة الزجل وتنوّعت مجالات النظم به. وفيها عكف ناظمو الزجل على تجويده وتنمية قوالبه وأساليبه الفنية. وفيها ظهر من ناظمي الزجل مَن انقطع لتأليف الأزجال وأصبح مختصًّا به ومتفرغًا له. ومن أوائل الزجالين الذين اشتهروا بذلك: إبراهيم الحائك المعمار (ت 749هـ) ثم أبوعبد الله الغباري (ت 762هـ).
... / ...
يتبع
__________________
لقد مر الزجل بخمسة أطوار نوجزها في الآتي:
أ- مرحلة ما قبل ابن قُُزمان. كان الزجل في هذه المرحلة هو شعر العامة وأقرب ما يكون للأغنية الشعبية التي تشيع على ألسنة الناس وتكون جهد جنود مجهولين. ونرجح أن الفئة المثقفة في هذه المرحلة كانت أكثر عناية بالقصائد والموشحات بينما كانت الطبقة العامة أكثر شغفًا بالأغنية الشعبية والزجل العامي. ولعل هذه المرحلة كانت في أواخر القرن الثالث الهجري.
ب- زجل الشعراء المعربين هو الطور الثاني من أطوار الزجل ويمثله نفر من الشعراء الذين كانوا يكتبون القصيدة أو الموشح قبل عصر ابن قزمان ثم اتجهوا لكتابة الزجل عندما رأوا رواج هذا اللون من الشعر عند العامة وهو أمر يشبه ما نراه اليوم حين يكتب بعض شعراء الفصحى أزجالاً عامية للغناء. ولعل هؤلاء النفر من الشعراء المعربين هم الذين عناهم ابن قزمان حين عاب على أزجالهم وقوع الإعراب فيها فسخر منهم في قوله:
¸يأتون بمعان باردة وأغراض شاردة وهو أقبح ما يكون في الزجل وأثقل من إقبال الأجل·.
وتميز من بين هؤلاء النفر الزجال أخطل بن نمارة، فقد أشاد ابن قزمان بحسن طبعه وحلاوة أزجاله في قوله: ¸ولم أر أسلس طبعًا وأخصب ربعًا من الشيخ أخطل بن نمارة فإنه نهج الطريق، وطرّق فأحسن التطريق·.
وقد ظهر هؤلاء المتقدمون من الزجالين المعربين في القرن الخامس الهجري خلال عصر ملوك الطوائف. ولما كانت بلاطات ملوك الطوائف أفسح صدرًا للشعراء وأكثر رعاية للشعر المعرب وتشجيعًا لأهله، لم تزدهر أزجال هذا الطور ومنيت بالكساد.
جـ- ازدهار الزجل. يمثل هذا الطور زجالو القرن السادس الهجري وهو نهاية عصر ملوك الطوائف وبداية عصر المرابطين. وقد ازدهر الزجل في هذا الطور بتشجيع الحكام الذين كان حسهم باللغة العربية لا يبلغ حس سابقيهم من ملوك الطوائف. ومن ثم لم تلق القصائد والموشحات الرعاية السابقة التي كانت تحظى بها في بلاطات ملوك الطوائف. ويُعد ابن قزمان إمام الزجل في هذا العصر بل وفي الأندلس قاطبة. واسمه أبو بكر محمد ابن عيسى بن عبد الملك بن قزمان (480-525هـ، 1087-1130م) عاش في عصر المرابطين، وتوفي في صدر الدولة الموحدية. نشأ في قرطبة نشأة علمية أدبية، إذ كان كاتبًا وأديبًا وشاعرًا ووشَّاحًا. وقد ورد في بعض المصادر أنه لما أحسّ قصر باعه في الشعر والتوشيح عمد إلى طريقة لايجاريه فيها أحد، فصار إمامًا لأهل الزجل. تجاوزت شهرته في الزجل الأندلس إلى المغرب والمشرق وقد صدر ديوان أزجاله صوت في الشارع أول مرة عام 1896م ثم عام 1933م بحروف لاتينية ثم نشر مرة ثالثة من قبل المستشرق الأسباني غارسيه قومس بحروف لاتينية مع ترجمة أسبانية.
بلغ الزجل على يد ابن قزمان ذروة نضجه حين قعَّد له القواعد، وجعل من أزجاله تدريبًا عمليًا لكُتّاب الزجل اللاحقين. كما عالجت أزجاله مختلف الأغراض التي وردت في الموشحات وإن غلب عليها الكُدية والتسول والإغراق في اللهو والمجون، كما كان ينتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية .
ويظل ابن قزمان على الرغم من مجونه واستهتاره أبرع زجالي الأندلس وإمامهم. فقد طبع الزجل بصورته الفنية في قالب عامية الأندلس التي تراوح بين العربية واللهجة الرومانسية (العامية اللاتينية)، يقول:
ذاب تنظر في مركز مطبـوع بكـلامًــا نبــــــيل
وتراه عندي من قديم مرفوع ليـس نرى به بديـل
بالضـرورة إليه هو المرجـوع دَعِنْ عن قال وقـيل
الشراب والغنا والجر في المـا في رياضًا عجيــب
هــذا كل عـــلا هُ عنـــدي لوصـــال الحبيـــب
د- الطور الرابع. يبدأ بمنتصف القرن السادس إلى القرن السابع الهجري، وهو مرحلة شهدت وفاة ابن قزمان وسقوط دولة المرابطين وقيام دولة الموحدين. ويعد أحمد ابن الحاج المعروف بمدغليس هو زجال هذا الطور وخليفة ابن قزمان في زمانه، كما ظهر زجالون آخرون كابن الزيات وابن جحدر الإشبيلي وأبي علي الحسن الدباغ.
هـ- الطور الخامس والأخير في حياة الزجل في الأندلس يقع في القرن الثامن الهجري، وكان من أشهر زجاليه الوزير لسان الدين بن الخطيب، وأبو عبد الله اللوشي، ومحمد بن عبد العظيم الوادي آشي.
موضوعات الزجل في الأندلس. عالج الزجل كثيرًا من الموضوعات التي عرفها الشعر والموشح، إلا أن الزجل كان يمزج في القصيدة الواحدة بين غرضين أو أكثر. فالغزل يمتزج بوصف الخمر والمدح يأتي في معيَّته الغزل أو وصف الطبيعة، ومجالس الشراب. ووصف الطبيعة تصحبه مجالس الطرب والغناء. أمّا الأزجال التي اختصت بغرض واحد لا تتجاوزه فقليلة. ويعدُّ الزجل الصوفي من الأزجال ذات الغرض الواحد وكان الشستري (توفي سنة 682هـ، 1283م) من زجالي القرن السابع الهجري أول من كتب الزجل في التصوف كما كان ابن عربي أول من كتب الموشح في التصوف.
أشكال الزجل في الأندلس، وأوزانه وسماته. تتفق القصيدة الزجلية مع القصيدة المُعْرَبة في التزام الوزن الواحد والقافية الواحدة والمطلع المصرع. وتختلف عنها في بساطة اللغة وعفويتها حتى تبلغ درجة السذاجة أحيانًا في بعدها عن الإعراب ووقوع اللحن فيها.
يتفق الزجل من حيث الشكل والتقسيمات الفنية مع الموشحة في المطالع والأغصان والأسماط والأقفال والأدوار والخرجات.
وتكمن قيمة الزجل الحقيقية في صدق تعبيره عن واقع حياة الناس في الأندلس، في أزقة قرطبة وحواري إشبيلية، وفي شفافية نقله لحياتهم بخيرها وشرها، جدها وهزلها، أفراحها وأحزانها... وهذا ما أكسبه صفة الشعبية وجعل الناس أكثر تعلقًا به.
نماذج من الزجل. يقول ابن قزمان في وصـف الطبيعة:
الربيــع ينشـــــر عــلام مثـل ســــــلطانًا مـؤيـد
والثمـار تـنـثـــر حليــــه بثيــاب بحـــل زبرجــد
والريــاض تلبــس غلالا من نبـات فحــل زمــرد
والبهــار مـع البـنـفسـج يا جمال أبيض في أزرق
ويقول في الغزل:
هجرن حبيبي هجر وأنا ليس لي بعد صبر
ليس حبيبي إلا ودود قطع لي قميص من صدود
وخاط بنقض العهود وحبب إليّ السهر
كان الكستبان من شجون والإبر من سهام الجفون
وكان المقص المتون والخيط القضا والقدر
ومن أزجال الشستري الصوفية قوله:
راس محلــــــوق ونمـــــش مولــــه
نطلب في السوق أو في دار مرفـــه
حـــافي نرشـــق تقــول اعـطِّ اللّه
خبـــزًا مطبـــوع ممن هـو مطبـــوع
مطـبوع مطبــوع إي والله مطبــوع
الزجل في المشرق العربي. تفيد المصادر التاريخية بأن الدوائر الثقافية في المشرق العربي تابعت إنجاز روّاد الزجل الأوّلين في الديار الأندلسية منذ ظهوره. ويبدو أن ظهور الزجل، بوصفه شكلاً من النَّظْم باللهجة الدارجة، لم يكن مُسْتغربًا بالنسبة للمشارقة. فقد كان لدى المشارقة أشكال أخرى من النظم باللهجات الدارجة. حيث كانت توجد أشكال من الشعر الشعبي (الجمعي، الفولكلوري) باللهجة العامية، كما ولّدت دوائر الخاصة أشكالاً من النظم بلهجاتها الدارجة، كالمواليا، والقوما، وكان وكان، والحماق.
ومنذ ذلك الوقت، احتفى المشارقة بهذا الشكل الجديد وأخذوا يتوسعون في النظم به. ولا نكاد نصل إلى القرن السابع الهجري حتى نجد أن الزجل قد شاع بين أدباء مصر والشام والعراق، وكأنما كان على كل مشتغل بفن القول أن يُدلي بدلوه، ويثبت مهارته في النظم بالزجل. وتتتالى أسماء من ينظمون الزجل من الأدباء والشعراء منذ ذلك الحين، فنقرأ عن: علي البغدادي (ت684هـ) في العراق، وابن النبيه (619هـ) وابن نباتة (ت 718هـ) في مصر، وأحمد الأمشاطي (ت 725هـ) وعلي بن مقاتل الحموي (761هـ) في الشام، وغيرهم.
ومن ثَمَّ صار نظم الزجل أمرًا مقبولاً في البيئة الثقافية، وأصبح فقرة مرغوبًا فيها في مجالس الأدب. وهكذا انضم الزجالون إلى البلاط الأدبي لأمراء وسلاطين العصر المملوكي في مصر والشام، حتّى صار من الزجالين مَن تولىّ الوزارة، مثل: محمد بن سليم المصري (ت 707هـ) وابن مكانس القبطي (794هـ).
الزجل في مصر. يُجمع دارسو الأدب العربي ومؤرخوه على أن الديار المصرية هي التي هيّأت للزجل موئلا كفل له الاستقرار والاستمرار. ففي مصر، اتسعت حركة الزجل وتنوّعت مجالات النظم به. وفيها عكف ناظمو الزجل على تجويده وتنمية قوالبه وأساليبه الفنية. وفيها ظهر من ناظمي الزجل مَن انقطع لتأليف الأزجال وأصبح مختصًّا به ومتفرغًا له. ومن أوائل الزجالين الذين اشتهروا بذلك: إبراهيم الحائك المعمار (ت 749هـ) ثم أبوعبد الله الغباري (ت 762هـ).
... / ...
يتبع
__________________
m3rouf- المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 23/06/2008
تاريخ الزجل ونقده
تاريخ الزجل ونقده
كان لظهور الزجل وانتشار النظم به أثرهما، ليس على المستوى الإبداعي فحسب، بل على مستوى الكتابة حول الزجل أيضًا، وذلك بتناول جوانب من تاريخه أو ظواهره أو قواعد نظمه أو خصائصه الغنية أو دوره الاجتماعي.
والفاحص للمؤلفات العربية التي وصلتنا منذ القرن السادس الهجري، وخاصة المؤلفات التي عنيت بالحركة الأدبية والفنية، يجد مادة تاريخية مفيدة حول الزجل والزجالين. ومع أن تجميع هذه المادة وضمها يساعدنا في تكوين تصوّر عن ظهور الزجل ونموّه، إلا أنها تظل في حدود الإشارات غير الوافية.
ولكن، ولحسن الحظ، يصلنا من القرن الثامن الهجري مصدر أكثر استقصاء، وهو كتاب العاطل الحالي والمرخص الغالي لمؤلفه صفيّ الدين الحِلِّي (ت 750هـ). انظر: العاطل الحالي. وقد مارس المؤلف نظم الزجل واحتك بالزجالين خلال تجواله الطويل بين حواضر مصر والشام والعراق. وقد هيأ له كل هذا إمكانية نقل كتابته من مستوى إيراد المعلومات والأخبار إلى مستوى التأريخ لحركة الزجل حتى أيامه، والاجتهاد في تأسيس قواعد لنظم الزجل. ومن بدايات القرن التاسع الهجري يصلنا كتاب آخر، يتابع العاطل الحالي، وهو كتاب بلوغ الأمل في فن الزجل لمؤلفه ابن حجة الحموي (ت 837هـ). وابن حجة، أيضًا، كان ينظم الزجل وخالط الزجالين متنقلا بين الشام ومصر. وما زال الكتابان مصدرين يرجع إليهما الدارسون لتاريخ الزجل وقواعد نظمه.
أما في العصر الحديث، فقد كان لانتشار الزجل وصلته بالحركة الوطنية أثرهما في تنامي الكتابة النقدية حول الزجل. فظهرت مقالات تعريفية في الصحف والمجلات وفي مقدمات دواوين الزجالين. ثم خُصّ بعض الزجالين المتميزين بمقالات نقدية تبيّن دور أزجالهم ووسائلها البلاغية. ثم تصبح الكتابات النقدية حول الزجل أكثر تعمقا في الدوريات المتخصصة وبعض الأطروحات الجامعية، وخاصة أنه قد أسهم في الجدل حول الزجل ما أثاره الباحثون الأجانب من آراء ونظريات.
الزجل في العصر الحديث. مع قيام النهضة العربية الحديثة، انتقل الزجل إلى طور جديد. فقد تبنى الزجل فئة من المثقفين الذين كانوا فصيلاً في حركة النهضة الوطنية. وقد جهدوا في تنمية أدوات الزجل ووسائله الفنية للاستفادة من إمكاناته في تيسير توصيل أفكارهم إلى جمهورهم المُبْتَغى، وهو جمهور أوسع، ولاشك، من دائرة مثقفي الخاصة. كما عملوا على تخليص الزجل من الركاكة والتكلُّف اللذين رانا عليه من عهود الانحدار السابقة، وعلى فك إساره من أيدي فئة الأدباتية الذين تدنوا به إلى مستوى استخدامه في التسوّل والابتزاز.
وبنهاية القرن الثالث عشر الهجري، تتابعت سلسلة من أسماء الرواد الثقافيين الذين طوعوا الزجل في اتجاهات متنوّعة. ومن أعلام هذه السلسلة المتواصلة: عبدالله النديم، ويعقوب صنّوع، ومحمد عثمان جلال. أما خير ممثل لتمام النقلة النوعية التي انتقلها الزجل فهو محمود بيرم التونسي (ت1380هـ). انظر: التونسي، محمود بيرم. وهو الذي أعلى من مكانة الزجل في الحياة الثقافية، وأكسبه قدرات فنية مكّنته من الامتداد إلى آفاق جديدة. وعلى يديه تكاملت الجهود في جعل الزجل أداة درامية مقبولة في الوسائط المستحدثة: في المسرح الغنائي أو في حلقات الإذاعة المسموعة والمرئية.
وفي سياق حركة الزجل الناشطة هذه، استفاد الزجل من الإمكانات المتجددة للطباعة والنشر واتساع قاعدة القارئين. فتوالى نشر دواوين الزجالين، وعنيت بعض الصحف بنشر الأزجال، وصدرت بعض الدوريات التي تعتمد على المادة الزجلية في المقام الأول.
غير أن اسم الزجل لم يحظ بالذيوع والتكرار إلا على أيدي الكُتَّاب والإعلاميين في لبنان، وخاصة في ثمانينيات القرن الرابع عشر الهجري. وهم لا يستعملون الاسم ليدل على المصطلح المحدد بشكل من النظم بعينه، وإنما استعملوه لكي يشير إلى كل نظم باللهجات اللبنانية المحلية. وهكذا انطوى تحت هذا الاسم: العتابا والميجنا واليادي يادي والروزانا والموال، بل والأشكال الفولكلورية كهدهدة الأطفال وأغاني العمل، وأيضًا الشعر الحديث الذي ينظمه المثقفون بالعامية، فاعتُبر إنتاج شعراء مثل ميشال طراد وأسعد سابا من الإنتاج الزجلي. وإمعانًا في تأصيل خصوصية الزجل اللبنانية قيل: "إن الزجل سرياني اللحن في أول عهده، وعربيُّه فيما بعد".
ومثل هذا الحماس والتوسّع والأقوال المرسلة، وإن كانت مظهرًا من مظاهر الاهتمام بالزجل، إلا أنها كانت مثارًا للخلط واضطراب المفاهيم، الأمر الذي آذن بتراجع الزجل ووقوفه الآن موقف الدفاع في مواجهة مؤثرات الحياة الثقافية العربية الحالية، وإن بدا بعضها متناقضًا. ويبرز أهمها، بالنسبة للزجل، في المؤثرات التالية:
1- حملة دُعاة الفصحى ضد كل أشكال التعبير باللهجات الدارجة أو العامية.
2- الالتفات إلى المأثور الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري)، وخاصة الجانب القولي منه، وعلى الأخص بعض أشكال النظم منه.
3- تركيز مثقفي كل قطر عربي على شكل بعينه من أشكال النظم في إحدى اللهجات الدارجة في جهة من جهاته، واعتباره حاملاً لخصائص القطر المتميزة ومعبرًا عن ذاتيته المتفردة. كما حدث، مثلاً، مع الشعر النبطي في المملكة العربية السعودية وبلدان الخليج العربية.
4- ظهور الاتجاه الجديد في النظم باللهجات الدارجة، والذي عُرف باسم شعر العامية، الذي يبتعد عن أرض الزجل وأضرابه متحركًا نحو أرض الشعر الحُرّ المعاصر.
*****************
انتهى
__________________
كان لظهور الزجل وانتشار النظم به أثرهما، ليس على المستوى الإبداعي فحسب، بل على مستوى الكتابة حول الزجل أيضًا، وذلك بتناول جوانب من تاريخه أو ظواهره أو قواعد نظمه أو خصائصه الغنية أو دوره الاجتماعي.
والفاحص للمؤلفات العربية التي وصلتنا منذ القرن السادس الهجري، وخاصة المؤلفات التي عنيت بالحركة الأدبية والفنية، يجد مادة تاريخية مفيدة حول الزجل والزجالين. ومع أن تجميع هذه المادة وضمها يساعدنا في تكوين تصوّر عن ظهور الزجل ونموّه، إلا أنها تظل في حدود الإشارات غير الوافية.
ولكن، ولحسن الحظ، يصلنا من القرن الثامن الهجري مصدر أكثر استقصاء، وهو كتاب العاطل الحالي والمرخص الغالي لمؤلفه صفيّ الدين الحِلِّي (ت 750هـ). انظر: العاطل الحالي. وقد مارس المؤلف نظم الزجل واحتك بالزجالين خلال تجواله الطويل بين حواضر مصر والشام والعراق. وقد هيأ له كل هذا إمكانية نقل كتابته من مستوى إيراد المعلومات والأخبار إلى مستوى التأريخ لحركة الزجل حتى أيامه، والاجتهاد في تأسيس قواعد لنظم الزجل. ومن بدايات القرن التاسع الهجري يصلنا كتاب آخر، يتابع العاطل الحالي، وهو كتاب بلوغ الأمل في فن الزجل لمؤلفه ابن حجة الحموي (ت 837هـ). وابن حجة، أيضًا، كان ينظم الزجل وخالط الزجالين متنقلا بين الشام ومصر. وما زال الكتابان مصدرين يرجع إليهما الدارسون لتاريخ الزجل وقواعد نظمه.
أما في العصر الحديث، فقد كان لانتشار الزجل وصلته بالحركة الوطنية أثرهما في تنامي الكتابة النقدية حول الزجل. فظهرت مقالات تعريفية في الصحف والمجلات وفي مقدمات دواوين الزجالين. ثم خُصّ بعض الزجالين المتميزين بمقالات نقدية تبيّن دور أزجالهم ووسائلها البلاغية. ثم تصبح الكتابات النقدية حول الزجل أكثر تعمقا في الدوريات المتخصصة وبعض الأطروحات الجامعية، وخاصة أنه قد أسهم في الجدل حول الزجل ما أثاره الباحثون الأجانب من آراء ونظريات.
الزجل في العصر الحديث. مع قيام النهضة العربية الحديثة، انتقل الزجل إلى طور جديد. فقد تبنى الزجل فئة من المثقفين الذين كانوا فصيلاً في حركة النهضة الوطنية. وقد جهدوا في تنمية أدوات الزجل ووسائله الفنية للاستفادة من إمكاناته في تيسير توصيل أفكارهم إلى جمهورهم المُبْتَغى، وهو جمهور أوسع، ولاشك، من دائرة مثقفي الخاصة. كما عملوا على تخليص الزجل من الركاكة والتكلُّف اللذين رانا عليه من عهود الانحدار السابقة، وعلى فك إساره من أيدي فئة الأدباتية الذين تدنوا به إلى مستوى استخدامه في التسوّل والابتزاز.
وبنهاية القرن الثالث عشر الهجري، تتابعت سلسلة من أسماء الرواد الثقافيين الذين طوعوا الزجل في اتجاهات متنوّعة. ومن أعلام هذه السلسلة المتواصلة: عبدالله النديم، ويعقوب صنّوع، ومحمد عثمان جلال. أما خير ممثل لتمام النقلة النوعية التي انتقلها الزجل فهو محمود بيرم التونسي (ت1380هـ). انظر: التونسي، محمود بيرم. وهو الذي أعلى من مكانة الزجل في الحياة الثقافية، وأكسبه قدرات فنية مكّنته من الامتداد إلى آفاق جديدة. وعلى يديه تكاملت الجهود في جعل الزجل أداة درامية مقبولة في الوسائط المستحدثة: في المسرح الغنائي أو في حلقات الإذاعة المسموعة والمرئية.
وفي سياق حركة الزجل الناشطة هذه، استفاد الزجل من الإمكانات المتجددة للطباعة والنشر واتساع قاعدة القارئين. فتوالى نشر دواوين الزجالين، وعنيت بعض الصحف بنشر الأزجال، وصدرت بعض الدوريات التي تعتمد على المادة الزجلية في المقام الأول.
غير أن اسم الزجل لم يحظ بالذيوع والتكرار إلا على أيدي الكُتَّاب والإعلاميين في لبنان، وخاصة في ثمانينيات القرن الرابع عشر الهجري. وهم لا يستعملون الاسم ليدل على المصطلح المحدد بشكل من النظم بعينه، وإنما استعملوه لكي يشير إلى كل نظم باللهجات اللبنانية المحلية. وهكذا انطوى تحت هذا الاسم: العتابا والميجنا واليادي يادي والروزانا والموال، بل والأشكال الفولكلورية كهدهدة الأطفال وأغاني العمل، وأيضًا الشعر الحديث الذي ينظمه المثقفون بالعامية، فاعتُبر إنتاج شعراء مثل ميشال طراد وأسعد سابا من الإنتاج الزجلي. وإمعانًا في تأصيل خصوصية الزجل اللبنانية قيل: "إن الزجل سرياني اللحن في أول عهده، وعربيُّه فيما بعد".
ومثل هذا الحماس والتوسّع والأقوال المرسلة، وإن كانت مظهرًا من مظاهر الاهتمام بالزجل، إلا أنها كانت مثارًا للخلط واضطراب المفاهيم، الأمر الذي آذن بتراجع الزجل ووقوفه الآن موقف الدفاع في مواجهة مؤثرات الحياة الثقافية العربية الحالية، وإن بدا بعضها متناقضًا. ويبرز أهمها، بالنسبة للزجل، في المؤثرات التالية:
1- حملة دُعاة الفصحى ضد كل أشكال التعبير باللهجات الدارجة أو العامية.
2- الالتفات إلى المأثور الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري)، وخاصة الجانب القولي منه، وعلى الأخص بعض أشكال النظم منه.
3- تركيز مثقفي كل قطر عربي على شكل بعينه من أشكال النظم في إحدى اللهجات الدارجة في جهة من جهاته، واعتباره حاملاً لخصائص القطر المتميزة ومعبرًا عن ذاتيته المتفردة. كما حدث، مثلاً، مع الشعر النبطي في المملكة العربية السعودية وبلدان الخليج العربية.
4- ظهور الاتجاه الجديد في النظم باللهجات الدارجة، والذي عُرف باسم شعر العامية، الذي يبتعد عن أرض الزجل وأضرابه متحركًا نحو أرض الشعر الحُرّ المعاصر.
*****************
انتهى
__________________
m3rouf- المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 23/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى